تقرير الشاباك- إخفاقات إسرائيلية تكشف هشاشة الأمن وصمود المقاومة

في تطور مذهل هز الأوساط السياسية والأمنية، أصدر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) مساء يوم الثلاثاء الموافق 4 مارس/آذار 2025 تقريرًا مدويًا يكشف عن سلسلة من الإخفاقات الاستخباراتية والسياسية المهولة التي أفسحت المجال واسعًا أمام هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. هذا الهجوم، الذي زلزل أركان الدولة العبرية، وأعاد تشكيل ملامح الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بضراوة لم يشهدها التاريخ الحديث.
التقرير، الذي يتجاوز حدود سرد الأحداث ليطال توجيه الاتهامات الصريحة إلى أعلى المستويات السياسية في إسرائيل، يفجر بركانًا من الجراح السياسية العميقة في صميم المجتمع الإسرائيلي، ويضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة أمام امتحان لشرعيتهم قد يكون الأعنف والأكثر حساسية في تاريخهم السياسي المثير للجدل.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه ليكشف عن أزمة إستراتيجية شاملة تتجاوز حدود الأمن الضيقة إلى أسئلة وجودية جوهرية حول قدرة إسرائيل على الصمود في وجه تحديات المستقبل المعقدة والمتشابكة.
إخفاقات مركبة: استخباراتية وسياسية
يسلط التقرير الضوء على خمسة أسباب جوهرية أدت إلى هذه الكارثة الأمنية غير المسبوقة:
- الانتهاكات المتكررة لحرمة المسجد الأقصى المبارك، والتي أثارت غضبًا واسعًا في صفوف الفلسطينيين والعالم الإسلامي.
- المعاملة القاسية والمهينة للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والتي فاقمت حالة الاحتقان والغضب.
- الفشل الذريع للقيادة السياسية في تقدير حجم التهديد الذي تمثله حركات المقاومة الفلسطينية.
- الاعتماد المفرط وغير المبرر على الجدار الأمني العازل والقوة العسكرية الغاشمة كحل وحيد للصراع.
- غياب الرقابة الفعالة والنزيهة على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، مما أدى إلى تراكم الأخطاء والتجاوزات.
ويمضي التقرير إلى أبعد من ذلك، ليكشف النقاب عن حقيقة مفادها أن خطة الهجوم كانت معلومة لدى جهاز الشاباك منذ عامي 2018 و2022، لكنها لم تُترجم إلى تهديد جدي وملموس يستدعي ردًا استباقيًا، وذلك نتيجة لصعوبة اختراق صفوف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتبني نهج سياسي عقيم يقوم على إدارة الصراع بدلًا من مواجهته ومعالجته بشكل جذري.
هذا النهج، الذي تبنته حكومة نتنياهو على مدى سنوات طويلة، سمح لحركات المقاومة بتطوير قدراتها العسكرية والتنظيمية بعيدًا عن أعين الاستخبارات الإسرائيلية، مما أدى في نهاية المطاف إلى وقوع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول المروع، والذي أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي، وأسر ما يزيد على 250 آخرين، وكشف عن الهشاشة المتناهية للنموذج الأمني الذي طالما سوّقت له إسرائيل على أنه الضمانة الأكيدة لاستقرارها وأمنها.
هذا الاعتراف الصريح لا يقتصر على الجانب الاستخباراتي فحسب، بل يمتد ليشمل القيادة السياسية العليا في إسرائيل، حيث يوجه ضربة قوية لمصداقية نتنياهو وحكومته الائتلافية الهشة التي تضم أحزابًا متطرفة وفاشية مثل "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموتريتش و"عوتسما يهوديت" بقيادة إيتمار بن غفير.
لقد بنى نتنياهو صورته السياسية على أساس أنه الضامن الأول والأخير لأمن إسرائيل، مستندًا في ذلك إلى خطاب شعبوي يصور نفسه على الدوام كرجل دولة محنك قادر على ردع أي تهديد خارجي مهما كان حجمه.
لكن التقرير يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الصورة الزائفة كانت قائمة على أسس واهية، إذ أدت سياساته المتهورة وطويلة الأمد إلى تمكين حركات المقاومة الفلسطينية من تنفيذ هجوم غير مسبوق في جرأته وتخطيطه، مما جعل من السابع من أكتوبر/تشرين الأول نقطة تحول كارثية في مسيرته السياسية الحافلة بالجدل.
هذا الفشل المريع ليس مجرد خطأ عابر أو سوء تقدير، بل هو نتيجة حتمية لإستراتيجية متعمدة فضّلت تجنب المواجهة الحاسمة مع الفلسطينيين، مما سمح لهم باستغلال الفراغ الناجم عن ذلك لصالحهم، كما أثبتت الأحداث المأساوية.
تصاعد الصراع الداخلي: انقسامات تهدد الهيكل السياسي
تأثير التقرير المدمر لا ينحصر في شخص نتنياهو، بل يتعداه ليسلط الضوء الكاشف على صراع داخلي حاد ومستعر بين مؤسسات الدولة الإسرائيلية. فبينما كان تحقيق الجيش الإسرائيلي، الذي نُشر في يوليو/تموز 2024، أقل حدة في توجيه اللوم للقيادة السياسية، يتخذ الشاباك موقفًا أكثر صرامة ووضوحًا، حيث يوجه اتهامًا مباشرًا وصريحًا إلى الحكومة الحالية.
هذا التباين الصارخ يكشف عن انقسام عميق الجذور تفاقم بشكل ملحوظ منذ محاولات الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل في عام 2023، والتي أثارت احتجاجات شعبية غير مسبوقة استمرت لأشهر طويلة، وتصاعدت حدتها بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة.
رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، الذي دعا في فبراير/شباط 2025 إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية للرد على "نظريات المؤامرة" التي حاولت تبرئة الحكومة من المسؤولية، يجد نفسه الآن في مواجهة مفتوحة وعلنية مع وزراء متطرفين مثل بن غفير، الذي طالب باستقالته في وقت سابق، متهمًا إياه بالتهاون والتساهل مع المقاومة الفلسطينية.
هذا الصراع المتصاعد يعكس أزمة ثقة حادة بين المؤسسة الأمنية والمؤسسة السياسية، حيث يسعى الشاباك جاهدًا لتبرير موقفه بالإشارة إلى التحذيرات المتكررة التي أطلقها مرارًا وتكرارًا، والتي لم تُؤخذ بعين الاعتبار من قبل الحكومة، بينما تحاول الحكومة بدورها تحميل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية مسؤولية الفشل الذريع لتجنب المحاسبة والمساءلة.
هذا التوتر المتزايد يمنح المعارضة الإسرائيلية- بقيادة يائير لبيد وبيني غانتس- أداة قوية وفعالة لمهاجمة نتنياهو وحكومته، فالتقرير يدعم الرواية التي تتبناها المعارضة بأن الحكومة الحالية تتحمل المسؤولية الكاملة عن "فشل تاريخي" أدى إلى أكبر خرق أمني تشهده إسرائيل منذ عقود طويلة، وقد يؤدي إلى موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية العارمة أو الدعوات المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة.
عائلات الرهائن الإسرائيليين، التي نظمت مظاهرات متكررة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 للمطالبة بإعادة أبنائها الأسرى، تجد في التقرير دليلًا إضافيًا على تقصير الحكومة وتخاذلها، مما يزيد من الضغط الداخلي على نتنياهو في ظل أزمة سياسية متفاقمة تهدد بتقويض استقرار حكمه.
تعقيدات المفاوضات الجارية: بين الضغط والرفض
صدور التقرير يأتي في لحظة دقيقة وحساسة، وسط تعثر المفاوضات الشاقة لتبادل الرهائن والأسرى بين إسرائيل وحماس، وبعد صدور البيان الختامي للقمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة يوم 4 مارس/آذار 2025، والذي دعا إلى وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة والضفة الغربية، وإعادة إعمار القطاع المدمر بمبلغ ضخم، وإجراء انتخابات فلسطينية شاملة خلال عام واحد. الاعتراف بإخفاق استخباراتي بهذا الحجم يضع إسرائيل في موقف ضعف نسبي على طاولة المفاوضات، لكنه يدفعها في الوقت ذاته إلى تشديد مواقفها المتصلبة لتعويض هذا الضعف الظاهر. فبدلًا من تقديم تنازلات جوهرية وملموسة استجابةً للضغط العربي والدولي المتزايد، تتمسك إسرائيل بشروط تعجيزية وغير واقعية لحماس، مثل تسليم السلاح أو تسليم قادة عسكريين بارزين، كما أشار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في تصريحه يوم 4 مارس/آذار "نحتاج اتفاقًا"، مع تأكيده في الوقت ذاته على أن إسرائيل "لن تقبل تكرار السابع من أكتوبر/تشرين الأول".
هذا الموقف المتشدد يعكس محاولة يائسة من جانب إسرائيل لاستعادة هيبتها الأمنية المفقودة التي تلقت ضربة قوية ومؤلمة، لكنه قد يزيد من تعقيد المفاوضات المتعثرة في ظل الضغط الأميركي المتزايد من إدارة دونالد ترامب لإطلاق سراح الرهائن، كما هدد في فبراير/شباط 2025 بعواقب وخيمة إذا لم يتحقق ذلك.
في المقابل، تستخدم إسرائيل التقرير المثير للجدل لتبرير تصعيدها العسكري الحالي في قطاع غزة وسوريا، حيث أكد نتنياهو في خطابه أمام الكنيست يوم 3 مارس/آذار أن "الحرب لن تتوقف"، في محاولة لإثبات أن القوة الغاشمة لا تزال أداتها المفضلة لمواجهة التحديات.
لكن هذا النهج العقيم يثير تساؤلات مشروعة حول فاعليته وجدواه، خاصة أمام مقاومة فلسطينية باسلة أثبتت قدرتها الفائقة على الصمود والتخطيط بعمق.
الأبعاد الإقليمية: جذور الأزمة وتداعياتها
إقليميًا، يربط التقرير هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول بالانتهاكات المستمرة لحرمة المسجد الأقصى وسوء معاملة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مؤكدًا أن السياسات العدوانية التي تنتهجها الحكومة المتطرفة – مثل اقتحامات المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك في عامي 2022 و2023، واعتقال أكثر من 5000 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة خلال تلك الفترة- كانت الشرارة التي أدت إلى تفجير الوضع المتوتر أصلًا.
هذه السياسات الاستفزازية ليست جديدة على الفلسطينيين، فمنذ اندلاع انتفاضة الحجارة في عام 1987 وانتفاضة الأقصى في عام 2000، أثبتت القضية الفلسطينية العادلة أن أي استفزاز في مدينة القدس المحتلة أو ظلم يقع على الأسرى الفلسطينيين يُترجم على الفور إلى ردود فعل قوية ومؤثرة.
لكن ما يميز هذا التقرير هو اعترافه الصريح والواضح بأن هذه السياسات القمعية، التي دعمتها أحزاب دينية متطرفة وفاشية في حكومة نتنياهو، لم تكن مجرد أخطاء تكتيكية عابرة، بل كانت جزءًا لا يتجزأ من نهج إستراتيجي متكامل أدى إلى تصعيد غير محسوب العواقب.
في المقابل، تواجه إسرائيل الآن ضغطًا إقليميًا متزايدًا وغير مسبوق، كما تجلى بوضوح في البيان الختامي للقمة العربية الطارئة التي دعت إلى إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، ورفض أي تهجير قسري للفلسطينيين من أراضيهم، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا وجوديًا لخططها التوسعية التي تهدف إلى فرض واقع استيطاني دائم في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
لكن بدلًا من المواجهة المباشرة مع الدول العربية، تعتمد إسرائيل بشكل كامل على الدعم الأميركي السخي لتحييد هذا الضغط المتزايد، مستفيدةً من المواقف المتشددة لإدارة ترامب وتصريحاته الأخيرة الداعمة لإسرائيل.
هذا الاعتماد المفرط يكشف عن نقطة ضعف أخرى وهشاشة متزايدة في الموقف الإسرائيلي، إذ أصبحت إسرائيل رهينة للقرارات المتغيرة في واشنطن في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية لسياساتها العدوانية، كما أظهرت المظاهرات الحاشدة التي شهدتها أوروبا وأميركا في عام 2024 ضد سياساتها الوحشية في قطاع غزة.
الأزمة الإستراتيجية: حدود القوة
إستراتيجيًا، يكشف التقرير عن أزمة عميقة في النموذج الأمني الإسرائيلي الذي عفا عليه الزمن. فالاعتماد المفرط على الجدار الأمني العازل والقوة العسكرية الغاشمة لم يمنع حركات المقاومة الفلسطينية من تنفيذ هجوم معقد استمر التخطيط له لسنوات طويلة، مستفيدةً من شبكات أنفاق متطورة وقدرات عسكرية فاقت كل التوقعات.
صعوبة اختراق صفوف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، كما أشار التقرير بوضوح، تؤكد تراجعًا خطيرًا في قدرة إسرائيل على جمع المعلومات الاستخباراتية الدقيقة من داخل القطاع المحاصر، وهو ما كان يشكل أحد أعمدة تفوقها الأمني والاستخباراتي لعقود طويلة.
هذا الفشل الذريع يطرح سؤالًا جوهريًا ومهمًا: هل إستراتيجية القوة الخالصة، التي اعتمدتها إسرائيل منذ تأسيسها، لا تزال قادرة على مواجهة مقاومة متجذرة شعبيًا ومتمكنة من استغلال نقاط ضعف الاحتلال الإسرائيلي؟
تاريخيًا، لجأت إسرائيل إلى القوة العسكرية المفرطة لفرض سيطرتها وهيمنتها على المنطقة، كما حدث في حروب عام 1967 وعام 1982، لكن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن هذا النموذج العسكري لم يعد كافيًا لضمان الأمن والاستقرار المزعومين.
الجدار الأمني العازل، الذي كلف دافعي الضرائب مليارات الدولارات، لم يكن سوى حاجز مادي هش وعاجز أمام إرادة مقاومة باسلة استطاعت اختراقه بسهولة نسبية، مما يعيد إلى الأذهان الفشل الذريع لخط بارليف الدفاعي في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.
هذا التشابه التاريخي المثير للقلق ليس مجرد مصادفة عابرة، بل هو دليل قاطع على أن إسرائيل تواجه تحديًا إستراتيجيًا وجوديًا يتطلب إعادة تقييم جذرية وشاملة لسياساتها العقيمة، لكن الحكومة الحالية تبدو عاجزة تمامًا عن تقديم رؤية بديلة ومقنعة، مكتفيةً بالردود التقليدية التي أثبتت فشلها الذريع على أرض الواقع.
تداعيات مستقبلية: أزمة شرعية تلوح في الأفق
على المدى القريب، سترد إسرائيل على التقرير المثير للجدل بتصعيد عسكري محسوب في قطاع غزة وسوريا، كما تفعل حاليًا في منطقة النفوذ الجنوبية السورية التي أعلنتها في يناير/كانون الثاني 2025، محاولةً إثبات أنها لا تزال مسيطرة على الوضع على الرغم من الإخفاقات المكشوفة التي كشف عنها التقرير.
لكن هذا الرد العسكري قد لا يكون كافيًا لاحتواء التداعيات الداخلية المتزايدة. فالضغط الشعبي المتواصل من عائلات الرهائن الإسرائيليين، التي تتهم الحكومة بالتقاعس والتأخر في إعادة أبنائها بعد مرور أكثر من 17 شهرًا على اندلاع الحرب، يتصاعد يومًا بعد يوم، وقد يتحول إلى موجة احتجاجات واسعة النطاق تضاف إلى تلك التي شهدتها إسرائيل في عام 2023 ضد الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل.
كما أن التوتر المتزايد بين المؤسسات الأمنية والسياسية قد يؤدي إلى أزمة حكم حقيقية تهدد استقرار الائتلاف الحاكم الهش، خصوصًا مع تزايد الدعوات المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية ومستقلة قد تكشف المزيد من الحقائق المحرجة والمسكوت عنها.
على المدى البعيد، يفتح التقرير الباب واسعًا أمام نقاش داخلي جاد قد يغير قواعد اللعبة السياسية في إسرائيل. فالاعتراف الصريح بفشل النموذج الأمني التقليدي، يطرح أسئلة جوهرية حول جدوى استمرار سياسة القوة الغاشمة في مواجهة شعب فلسطيني يثبت يومًا بعد يوم قدرته الفائقة على الصمود والتكيف مع الظروف الصعبة.
الضغط العربي والدولي المتزايد، كما تجلى في البيان الختامي للقمة العربية التي دعت إلى إعادة إعمار قطاع غزة وتنظيم انتخابات فلسطينية شاملة، قد يدفع إسرائيل إلى تقديم تنازلات رمزية ومحدودة في المفاوضات، مثل إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، لكنها لن تتخلى أبدًا عن هدفها المعلن: "النصر الكامل"، كما أكد نتنياهو في خطابه الأخير أمام الكنيست الإسرائيلي.
خاتمة: مقاومة شعب لا تُكسر
في المحصلة النهائية، يكشف تقرير الشاباك عن جروح سياسية عميقة تهز إسرائيل من الداخل، وتضع نتنياهو وحكومته المتطرفة أمام تحدٍ وجودي حقيقي قد يحدد مصيرهما السياسي.
فشل سياسات إدارة الصراع والإخفاقات الاستخباراتية المتراكمة يعقّدان المشهد السياسي والعسكري المعقد، ويدفعان إسرائيل إلى التشبث بالدفاع عن نفسها بقوة عسكرية غاشمة معتمدةً في ذلك على الدعم الأميركي السخي لتحييد الضغط العربي والدولي المتزايد.
لكن هذه الجروح العميقة قد تتحول إلى أزمة شرعية طويلة الأمد، تهدد استقرارها السياسي في المستقبل، في وقت تحتاج فيه إسرائيل بشدة إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها الشاملة أمام شعب فلسطيني يثبت يومًا بعد يوم أن مقاومته الباسلة لا تُكسر بالقوة وحدها.
تقرير الشاباك، بكل ما كشفه من إخفاقات وتقصير، يؤكد أن إسرائيل تواجه خصمًا عنيدًا لا يمكن هزيمته بالجدران العازلة أو الأسلحة المتطورة فقط، بل تتطلب مواجهته رؤية سياسية واضحة وشاملة تتجاوز الأفق الضيق للحكومة الحالية.
فهل ستتعلم إسرائيل الدرس المرير، أم ستظل تغرق في أوهام القوة حتى تصطدم بحقيقة لا مفر منها؟
الأيام القادمة قد تحمل الإجابة الحاسمة، لكن ما هو مؤكد وثابت أن الفلسطينيين سيبقون صامدين في وجه كل التحديات والصعاب، كما فعلوا دائمًا على مر التاريخ